الكثير من المربيين يقتلون موهبة أطفالهم بأنفسهم دون أن يعلموا ذلك عن طريق الممارسات والأساليب التربوية الخاطئة والتي تنبع من بعض المفاهيم المغلوطة بل ان بعضهم يظن أن تلك الممارسات ستؤدي الي تنمية مواهب أطفالهم
ولذلك حرصنا على كتابة ذلك المقال لنقدم التوعية بالأخطاء الشائعة التي يقع فيها كثير من المربيين وتؤدي في كثير من الأوقات الي قتل موهبة الطفل بدلا من اكتشافها وتنميتها بالإضافة الي نصائح بسيطة تساعد على تصحيح تلك المفاهيم وتساعد المربي على اكتشاف وتنمية مواهب طفله
أولا : المبالغة في دور الوراثة والجينات
على الرغم من الدور الذي تلعبه الجينات الوراثية في موهبة الطفل غير أن التنشئة والبيئة المحيطة بالطفل هي التي تساهم بشكل أكبر في نمو وتطور موهبة الطفل أو اضعافها وعدم الاستفادة منها
لذلك احرص على توفير البيئة المناسبة والمحفزة لاكتشاف وتنمية مواهب طفلك مثل: ملاحظة سلوكه وردود أفعال بشكل مستمر، اجراء اختبار قدرات وسمات شخصية لطفلك لتتعرف على مواهبه وطبيعة شخصيته وتفضيلاته، الاطلاع على المعلومات التي تساعدك في تنمية ذلك النوع من الذكاءات والمواهب التي يتميز بها طفلك، صمم خطة ذكية لتنمية مواهب طفلك وذكاءه طبقا للمرحلة العمرية، احرص علي تطبيق تلك الخطة بالشكل الممتع والذي يتناسب مع امكاناتك ومواردك المتاحة، استعن بالمتخصصين لتحصل علي الدعم والمساعدة في الوقت المناسب بالإضافة الي اختيارك للأسلوب التربوي المناسب لبناء جدار الثقة والحب بينك وبين طفلك
مثال: إذا نشأ طفلك في بيئة تتحدث الفرنسية، الصينية أو غيرها من اللغات، فسيتحدث تلك اللغة بطلاقة حتى وان كانت الأسرة عربية واستقرت في تلك البلاد الجديدة التي يتحدث أهلها احدى تلك اللغات
ثانيا: الموهبة ستظهر بشكل تلقائي
يعتقد كثير من الآباء والأمهات أن الموهبة تظهر عند أبنائهم في مراحل متأخرة من الطفولة ولذلك لا داعي لمحاولة اكتشافها مبكرا، ولكن الحقيقة أنه يمكن اكتشاف موهبة الطفل منذ سنواته الأولي وللمربي دور هام جدا في اكتشافها وتنميتها منذ المراحل الأولي للطفولة.
كل طفل يمتلك موهبة تميزه عن الأطفال الآخرين ولكن المربي هو حجر الأساس في اكتشاف تلك الموهبة وتنميتها بالشكل الذي يحقق النجاح والتفوق المستقبلي في حياة الطفل الشخصي والمهني
مثال: كان والدي دكتور أحمد زويل (رحمه الله) يكتبون على باب غرفته دكتور أحمد، وكانوا يشجعونه على التجارب والاختراعات منذ صغر سنه
ثالثا: المال متطلب أساسي لنمو الموهبة
من الممكن أن يساعدك توافر المال بكثرة على توفير مستوي أفضل من التدريب والأدوات التي تساعد على تنمية موهبة طفلك ولكن ذكائك، واجتهادك وأسلوبك في التربية كمربي (وخاصة تشجيعك لطفلك) من الممكن أن يكون بديل لتوافر المزيد من المال
هناك الكثير من الأغنياء الذين فشلوا في تربية أولادهم أو في تنمية مواهبهم لأن المال وسيلة فقط من الممكن أن تساعد وتسرع من عملية اكتشاف وتنمية موهبة الطفل أو تفسد أخلاقه فتضيع شخصيته وموهبته
طور من معارفك، وقدراتك ومهاراتك كمربي وكذلك أسلوبك التربوي لتمتلك العديد من الأدوات والأفكار الفعالة التي تساعدك على اكتشاف وتنمية موهبة طفلك بأقل الموارد المادية
مثال: لم تمتلك أسرة محمد صلاح (لاعب الكرة المصري) المزيد من المال الكافي لمساعدته على تنمية موهبته مثل أقرانه، ولكن تشجيعهم وأسلوب تربيتهم كان السبب الأساسي لتتفجر موهبته وليصبح لاعب عالمي شهير ينال اعجاب الملايين من البشر حول العالم
رابعا: التفوق الدراسي مؤشر حقيقي لموهبة الطفل وذكاءه
من الظلم أن نحكم على موهبة أطفالنا من خلال مستواهم في التحصيل الدراسي لأنه يقيس فقط جزء من قدراتهم ويعبر بشكل كبير عن أحد أنواع الذكاءات وهو الذكاء المنطقي العددي، ولكن يجب أن نكتشف مواهبهم الحقيقية وأنواع الذكاء الأخرى ذات المعدل المرتفع وننميها بالتوازي مع تشجيعنا لهم ليتفوقوا دراسيا خاصة في المواد الدراسية التي يحبونها ويهتمون بها
احرص على معرفة الأسباب الجذرية لحصول طفلك على درجات منخفضة في بعض أو كل المواد الدراسية (أسلوب التدريس وشخصية المعلم أو دافعية الطفل وتفضيلاته أو طبيعة المادة وعلاقتها بالواقع العملي أو الاحتياج للدعم والمساعدة في تبسيط المفاهيم أو غيرها من الأسباب) وبالتالي تقوم بتدخلات فعالة من الممكن أن تغير من الوضع القائم أو تجعلك مدرك لقدراته وتفضيلاته بشكل أفضل
احرص كذلك على معرفة السبب لحصول طفلك على درجات مرتفعة في بعض أو كل المواد الدراسية
إذا وجدت أن قدرات طفلك وتفضيلاته لا تؤهله للحصول علي الدرجات المرتفعة رغم كل محاولاتك التي تقوم بها والمرتكزة علي أساس علمي وعملي، فساعده علي التركيز علي تنمية موهبته ليتميز بها وبالتالي تكون الدراسة مجرد وسيلة مساعدة للوصول الي التفوق والتميز في مجال موهبته
مثال: العديد من المشاهير الناجحين الذين وضعوا بصماتهم في حياتنا لم يكملوا تعليمهم وبعضهم حصل على درجات منخفضة مقارنه بأقرانهم مثل: عباس العقاد (الأديب المصري)، وتوماس أديسون (المخترع العظيم) ومايكل ديل (مؤسس شركة ديل)
خامسا: طفلي نسخة مني
كثير من الآباء والأمهات يرغبون في تحقيق أحلامهم من خلال أبنائهم أو أن يربوا أطفالهم بالشكل الذي يجعلهم نسخة منهم في طريقة التفكير أو التخصص المهني أو أسلوب الحياة، ولذلك علينا أن نربي أولادنا على القيم الأخلاقية ونطور مواهبهم ومهاراتهم ثم نتركهم لاختيار أسلوب حياتهم والتخصص المهني المفضل لهم
أحرص على اتباع الأسلوب التربوي السليم الذي يساعدك على بناء شخصية طفلك بشكل متزن وصحي يساعده على الاستقلالية بذاته وتحمل المسئولية، فستجد نفسك فخورا بما سيحققه طفلك في حياته الشخصية والمهنية
مثال: كان والد بيل جيتس محامي مشهور وكان يرغب في أن يسير بيل على خطواته ولكن بيل جيتس أحب مجال البرمجة وتكنولوجيا المعلومات وقرر عدم استكمال دراسته، فكان لتشجيع والديه دور في أن يبرع بيل جيتس في ذلك المجال ويصبح واحد من أغني أثرياء العالم وأن يضع بصمته في حياة كثير من البشر خلال العقود الماضية
عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة… من فضلكم احذروا تلك الأخطاء الشائعة واعملوا علي تصحيح المفاهيم الخاطئة وتعلم الأساليب التربوية السليمة لتربية أطفالكم
الرئيس التنفيذي لمؤسسة نبتة
ماجستير إدارة الأعمال من جامعة هيريوت وات ببريطانيا
إضافة تعليق