دور المعلم لا يقتصر فقط على تعليم طلابه العلوم المختلفة وشرح المواد الدراسية وفهمها ولكن دوره التربوي يحتل الصدارة والأولوية لغرس القيم الأخلاقية وتطوير مهارات وقدرات طلابه ومساعدتهم على اكتشاف مواهبهم واثقالها ليضيفوا لمجتمعهم ويحققوا النجاح في حياتهم الشخصية والمهنية.
لعل في القصة التالية عبرة وقدوة لكل المعلمين والمعلمات وتسليط الضوء على دورهم التربوي وأثره الإيجابي في حياة طلابهم المستقبلية.
وقفت معلمة الصف الخامس ذات يوم وألقت على التلاميذ جملة: إنني أحبكم جميعًا وهي تستثني – في نفسها – تلميذًا يدعى تيدي!
فملابسه دائمًا شديدة الاتساخ ومستواه الدراسي متدنٍ جدًا ومنطوٍ على نفسه، وهذا الحكم الجائر منها كان بناءً على ما لاحظته خلال العام فهو لا يلعب مع الأطفال وملابسه متسخة..
إنه كئيب لدرجة أنها كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر لتضع عليها علامات x بخط عريض وتكتب عبارة راسب في الأعلى.
ذات يوم طُلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ وبينما كانت تراجع ملف تيدي فوجئت بشيء ما!
لقد كتب عنه معلم الصف الأول: تيدي طفل ذكي موهوب يؤدي واجبه بعناية وبطريقة منظمة.
ومعلم الصف الثاني: تيدي تلميذ نجيب ومحبوب لدى زملائه ولكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان..
أما معلم الصف الثالث كتب: لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه لقد بذل أقصى ما يملك من جهود لكن والده لم يكن مهتمًا به وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات.
بينما كتب معلم الصف الرابع: تيدي تلميذ منطوٍ على نفسه لا يبدي الرغبة في الدراسة وليس لديه أصدقاء وينام أثناء الدرس!
هنا أدركت المعلمة تومسون المشكلة وشعرت بالخجل من نفسها! و قد تأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة ما عدا الطالب تيدي كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقالة ، تألمت السيدة تومسون و هي تفتح هدية تيدي وضحك التلاميذ على هديته التي كانت عبارة عن عقد مؤلف من ماسات عادية ناقصة الأحجار و قارورة عطر ليس فيها إلا الربع ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد والعطر وشكرته بحرارة ، وارتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها ويومها لم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله مباشرة بل انتظر ليقابلها وقال : إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي.
عندها انفجرت المعلمة بالبكاء.. لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة!!
منذ ذلك اليوم أولت اهتمامًا خاصًا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه وبنهاية السنة أصبح تيدي أكثر التلاميذ تميزًا في الفصل.. ثم وجدت السيدة مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي كتب بها أنها أفضل معلمة قابلها في حياته..
فردت عليه أنت من علمني كيف أكون معلمة جيدة.
بعد سنوات كثيرة فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة في ذلك العام موقعة باسم ابنك تيدي فحضرت وهي ترتدي ذات العقد وتفوح منها رائحة ذات العطر التي احضرته خصيصًا لتلك المناسبة….
من هو تيدي ستودارد؟ هو الطبيب الشهير الذي أصبح لديه جناح باسم مركز “ستودارد” لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس بولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية.
تُرى.. كم طفل تم تدميره بسبب سوء التعامل وعدم تقدير مشاعره…؟ !كم طفل تم هدم شخصيته وتسببنا في تغيير مسار مستقبله؟! لعل تلك القصة تصل إلى كل المعلمين والمعلمات.. والمربيين والمربيات الأفاضل.
الرئيس التنفيذي لمؤسسة نبتة
ماجستير إدارة الأعمال من جامعة هيريوت وات ببريطانيا
إضافة تعليق